ليبيا..من العقود الخضراء إلى شبح الموت في سنوات الجائحة

دخلت ليبيا بعد استشهاد القائد القذافي في فوضى سياسية وأمنية أنتجت حتى الآن عشرات الميليشيات والجماعات الجهوية والقبلية والإرهابية المتحاربة إضافة إلى تنازع مستمر على السلطة.
وتدخل ليبيا الآن فصلًا جديدًا من التدهور الصحي يهدد حياة الملايين.
حيث تشهد ليبيا ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، إذ وصلت حالات الإصابات التراكمية إلى 161088، بحسب مركز مكافحة الأمراض، فيما وصلت أعداد الوفيات حتى أمس الخميس إلى 2684.
وكان رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، تعهد في وقت سابق من الشهر الماضي بتوفير لقاح كورونا في ليبيا، في أسرع وقت ممكن، إلا أنه حتى اليوم لم يتم توفير اللقاح للشعب الليبي.
وكانت السلطات الصحية في ليبيا، أعلنت اكتشاف حالات إصابة بالسلالة البريطانية من فيروس كورونا في البلاد، بعد الكشف على عينات عشوائية موجبة لفيروس كورونا.
وأشارت إلى أن النوع الجديد الذي ظهر لأول مرة في ليبيا، يتميز بسرعة الانتقال ونشر الإصابة في المجتمع، محذرة من عواقب وخيمة في ظل ما تشهده البلاد من تراخٍ وعدم التزام بتنفيذ التدابير والإجراءات الوقائية والاحترازية.
وكانت حكومة السراج، أنفقت أكثر من مليار دينار لمواجهة جائحة كورونا، ورغم كل تلك الأموال، فإن حكومة السراج، فقدت السيطرة على تفشي فيروس كورونا في البلاد، فيما لم يصل للبلاد حتى الآن أية جرعات من اللقاح المضاد لفيروس، صنفت تقارير للأمم المتحدة، الصادرة في يناير الماضي، صنفت ليبيا بالمركز الثاني في أفريقيا من حيث معدل الوفيات بفيروس كورونا نسبة إلى عدد السكان.
وسبق أن طالبت نقابة الأطباء في ليبيا، النائب العام بفتح تحقيق عاجل مع المسؤولين والمتورطين في تأخر وصول لقاح كورونا الى ليبيا مسببة ذلك بالصراع على الرشى والنسب التي يسعون للحصول عليها من الشركات المصنعة.
وفي منتصف الشهر الماضي أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا عن فتح باب التسجيل في منظومة التطعيم ضد فيروس كورونا، وقالت أنه من المتوقع أن تصل جرعات بسيطة خلال شهر مارس، وستخصص للأطقم الطبية وكبار السن وذوي المناعة الضعيفة.
وبينما انتهى شهر مارس ولم تصل إلى ليبيا أي جرعات من اللقاح، في الوقت الذي تنخرط غالبية دول العالم في عملية التلقيح، كما وصلت بعض الدول إلى تلقيح نحو نصف عدد سكانها مثل الولايات المتحدة.
وبينما كانت ليبيا سابقًا الدولة الغنية تضمن لشعبها الرعاية الصحية، والتطعيمات ضد الأوبئة، باتت واحدة من الدول التي لم يتلق أي من مواطنيها لقاح ضد الجائحة الأكثر كارثية في الوقت الراهن.
وكان الاقتصاد الليبي في الأربعة عقود السابقة يتمتع بالإيرادات اللازمة لتوفير مختلف السلع في السوق ودفع أجور وعلاوات مالية لليبيين بشكل ضمن لهم آنذاك قوة شرائية من بين الأفضل على مستوى أفريقيا.
وكانت الدولة توفر للمواطنين الخدمات العامة والسلع الأساسية بدون مقابل أو بأسعار مدعومة. أما اليوم فيقف هذا الاقتصاد الذي كان الأغنى على مستوى أفريقيا حسب نصيب الفرد من الناتج الإجمالي على حافة الانهيار حسب تقدير البنك الدولي.
ويوما بعد يوم تتفاقم أزمة السيولة ويزيد عجز الميزانية وغلاء المعيشة بسبب ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
ويعاني الليبيون اليوم من انقطاع الكهرباء وتشكل الطوابير أمام المصارف التي تفتقد إلى السيولة، إضافة إلى تدهور الرعاية الصحية ونقص الأدوية وهروب الكفاءات.
وفي ظل الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة والرقابة على الحدود والنظام الجمركي يتفشى تهريب السلع والأسلحة والمخدرات والمهاجرين من كل حدب وصوب، لاسيما من منطقة جنوب الصحراء الأفريقية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل من سبيل لإنقاذ الوضع الصحي في ظل جائحة عالمية في البلد الغني الذي أصبح اليوم مرتعا للعصابات والميليشيات المسلحة؟