على أبواب الصيف.. متى تحل مشكلة الكهرباء في ليبيا؟

تعد مشكلة انقطاع الكهرباء في ليبيا، مشكلة مزمنة طوال سنوات الفوضى في ليبيا خلال ال10 سنوات الأخيرة، باعتبارها سنوات النكبة والدمار.
فقبل هذه الأعوام، لم تكن الخدمات تمثل مشكلة على الإطلاق في ليبيا الغنية، فالحصول على المياه والكهرباء والبنزين والخبز ووجود سيولة في المصارف، حقوق أساسية للمواطن الليبي. لكن حكومات الاحتلال والميليشيات في ليبيا بعد 2011، حولت هذه الحقوق الأساسية البسيطة إلى مشكلة صعبة المنال!
وفي الوقت الذي يعلق فيه الكثيرون الآمال، على حكومة الوحدة المؤقتة بقيادة عبد الحميد الدبيبة، في حل هذه المشكلة، في غضون 6 أشهر بشكل جذري، كما وعد الدبيبة خلال فترة ترشحه.
يرى البعض أن الخطوات الفعلية المتخذة على الأرض ومع قرب حلول الصيف، خطوات بطيئة، فحتى اللحظة هناك عملية يومية لطرح الأحمال، عن غرب وجنوب وشرق ليبيا وحتى اللحظة هناك سرقات يومية وتبديد يومي، وعبث بمقدرات شبكة الكهرباء بما يشيع اليأس من امكانية حل المشكلة خلال فترة وجيزة.
وهو ما دفع دول الجوار، مثل الجزائر لمساعدة ليبيا عبر أطقم فنية من قبل لتحقيق الاستقرار في الشبكة، كما دفع السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا، لابداء استعداد برلين، لدعم البلاد، في مجال الطاقات المتجددة وتقديم الدعم الفني لقطاع الكهرباء والصحة والبنية التحتية.
وقبل نحو أسبوع، أكد رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة على تذليل الصعوبات وتوفير كافة الدعم المطلوب من أجل معالجة أزمة الكهرباء في البلاد. واجتمع الدبيبة، مع أعضاء إدارة الشركة العامة للكهرباء ، بحضور محافظ مصرف ليبيا المركزي و وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وكل من وزير المواصلات ووزير المالية ووزير التخطيط.
وأكد المكتب الاعلامي له عقب اللقاء، إن الاجتماع استعرض الخطة الفنية العملية قصيرة وطويلة الأمد، لإنهاء انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى آلية الدعم الكامل للشركة لاحتواء أزمة انقطاع التيار الكهربائي من قبل الحكومة. والتشديد على ضرورة التكاثف والفاعلية في الأداء من أجل المسارعة، في إنهاء معاناة المواطنين الليبيين.
من جانبه، قال رئيس شركة للكهرباء، وئام العبدلي، أن هناك خطة عمل مقترحة لتوفير حوالي 1200 إلى 1500 ميجاوات، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تكون عدد ساعات طرح الأحمال في حدود الخمس ساعات، خلال الذروة الصيفية، مؤكدا أنه لن تكون هناك حاجة إلى طرح الأحمال خلال الصيف القادم في حال استطاعت الشركة توفير 1500 ميجاوات أخرى!!
وما قاله العبدلي، بعد الاجتماع مع رئيس الوزراء ليس حلا كما يرى الخبراء، فإن كان طرح الأحمال سيكون 5 ساعات وفق التصريحات الرسمية، فإنه سيكون ضعف ذلك على أرض الواقع وفي مدن عدة، بما يعني أن الأزمة مستمرة للعام المقبل 2022.
في السياق ذاته، حذرت مجموعة العمل الاقتصادي، المنبثقة عن مجموعة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، من تدهور وضع الكهرباء في البلاد بدءاً من أوائل صيف 2021. وأكدت أن الوضع الحالي في البلاد، يستدعي المسؤولية القيادية من جميع الأطراف على حد قولها.
وأعربت المجموعة، التي تضم كل من الاتحاد الأوروبي ومصر والولايات المتحدة إلى جانب البعثة الأممية، عن قلقها بشأن الوضع في قطاع الكهرباء، وقالت إنه دون الإسراع في تخصيص التمويل اللازم لإجراء إصلاحات عاجلة، فإن وضع الكهرباء يمكن أن يتدهور بدءاً من أوائل صيف 2021.
وكشف تقرير أعده مشروع “تقارب”، التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أن المحطات الكهربائية البالغ عددها 14، تضم 63 وحدة توليد بقدرة مركبة تصل إلى 8200 ميغاوات، تنتج حالياً 4350 ميغاوات فقط، لأسباب مختلفة اي نصف طاقتها، كما أن 40 وحدة كهربائية تعمل الآن، فيما تحتاج 23 وحدة للصيانة والتصليح، وأن ثلثي هذه الوحدات قديمة تجاوزت أعمارها ربع قرن. كما كشف أن “الوحدات” تعمل بسعة كاملة فقط حين تتراوح درجة الحرارة بين 20 و25 درجة مئوية، ونسبة الرطوبة أقل من 40%، ما يهدد بتهاوي الشبكة في فترات الذروة في الصيف حين تكون معدلات درجة الحرارة بين 30 و40 درجة مئوية، في غالبية المناطق، مع معدلات مرتفعة للرطوبة تتراوح نسبتها في مدن الشمال المأهولة من 70 إلى 80 %.
وليس هذا فقط، فقد كشف التقرير، أن حجم العجز في توليد الكهرباء في ليبيا، بلغ 1000 ميغاوات في فصل الشتاء، و2500 ميغاوات في الصيف، وتحتاج ليبيا إلى 6500 ميغاوات لتلبية احتياجاتها الاستهلاكية في الشتاء، بينما تحتاج إلى نحو 8 آلاف ميغاوات في فصل الصيف.
من جانبه كشف الخبير الاقتصادي، محمد سالم مسعود لـ”سكاي نيوز عربية” بعضا من مأساة الكهرباء في ليبيا، بتأكيده، إن منطقة الجبل الغربي، تشهد سرقة لخطوط وأسلاك الكهرباء حيث تتم سرقة الخطوط البعيدة عن المناطق السكنية وذات الأحمال الخفيفة، كما أن بعض الموظفين يتعرضون لتهديدات كثيرة تصل في بعض الأحيان إلى القتل وهناك انتهاكات وجرائم سافرة واعتداءات مستمرة على مقدرات الشبكة.
ولفت مسعود الى العديد من انعكاسات أزمة الكهرباء، على الحياة اليومية لليبيين، فهى تنعكس، على المعاملات المصرفية والجوازات والسجل المدني والمعاملات التجارية فرغم توفر المولدات الاحتياطية في بعض المصارف.
وكشف مسعود، أن الميزانيات الضخمة، التي رصدتها الشركة العامة للكهرباء، كانت كفيلة بإنشاء محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية في كل مدينة، إلا أن عمليات الفساد الممنهجة التي تشهدها الشركة، منذ عشر سنوات، ساهم في خسارة مليارات الدينارات، والتي تذهب لجيوب الموردين الوهميين لشركات الصيانة الوهمية، وكذلك الشركات التي تتقاضى أموالا عن مشاريع لا يتم تطبيقها على أرض الواقع.
والخلاصة.. مع وعود الحكومة الجديدة بالحل، وتباطؤ خطوات الحل عمليا على أرض الواقع، فإن الضباب يسود ليبيا حول الموعد الحقيقي الذي يمكن أن تنتهي فيه معاناة المواطن الليبي مع انقطاع الكهرباء.